الثلاثاء، 25 أغسطس 2015

40 دولار للبرميل.. هل ستؤثر على الإقتصاد السعودي؟


 كثر الحديث خلال الأيام القليلة الماضية عن تأثير انخفاض أسعار النفط على الإقتصاد السعودي، وغلب على هذا الحديث تحليلات متشائمة جدا كما لو أن النفط نضب لا سمح الله أو كما لو أن العالم سيتوقف الأن عن استخدام النفط كمصدر رئيسي للطاقة. لذلك في هذا المقال سأطرح وجهه نظري وبشكل مختصر. 
لمعرفة تأثير انخفاض سعر النفط على الاقتصاد السعودي على المدى القصير والمتوسط والطويل يجب علينا أن نجيب على الأسئلة التالية:

السؤال الأول: هل باستطاعة السعودية خفض الإنتاج وبالتالي تعديل الأسعار متى ما رأت الحاجة لذلك؟ علما بأن السعودية زادت إنتاجها من 9.6 مليون برميل قبل سنة من الآن إلى 10.6 مليون برميل في شهر يوليو 2015.

إن اصحاب القرار في الدولة اتخذوا قرارا بزيادة الانتاج رغم انخفاض أسعار النفط وذلك بهدف حماية الحصة السوقية للبترول السعودي على المدى القصير والمدى الطويل وفي نفس الوقت لحماية اسعار النفط على المدى المتوسط  والطويل بغض النظر عن تأثير القرار على اسعار النفط في المدى القصير.

المقصود في ذلك أن زيادة الإنتاج وإمداد الزبائن بالكمية التي يطلبونها مهما ارتفعت  هذه الكمية  المطلوبة سيضمن استخدام هؤلاء الزبائن للنفط السعودي في مصافيهم وعدم لجوؤهم للبحث عن مصادر اخرى للنفط مما يضمن بقائهم كزبائن على المدى القصير والمتوسط والطويل وبذلك تحافظ المملكة على حصتها السوقية. وفي نفس الوقت انخفاض الأسعار سيؤدي لخروج (او خفض انتاج) عدد من المنتجين الجدد والذين استطاعو من زيادة انتاجهم وحصتهم السوقية خلال الفترة التي كان فيها سعر النفط في مستويات تفوق الـ 100 دولار. 

على سبيل المثال، منتجي النفط الصخري في امريكا استطاعوا من رفع انتاجهم من 1.4 مليون برميل يوميا في بداية عام 2010 (ما يمثل 1.6% من انتاج النفط العالمي) إلى 5.622 مليون برميل يوميا في شهر ابريل من هذا العام (ما يمثل 5.94% من انتاج النفط العالمي). حتى الان يبدو أن انخفاض اسعار النفط بدأ يؤتي أكله، حيث أن الانخفاض في الأسعار خلال الفترة الماضية أدى إلى انخفاض إنتاج النفط الصخري الأمريكي ب 260 الف برميل يوميا حيث انخفض الإنتاج من 5.622 مليون برميل يوميا في إبريل من هذا العام إلى 5.362 مليون برميل يوميا في شهر أغسطس، ومن المتوقع أن يستمر الانخفاض في إنتاج النفط الصخري حتى نهاية العام وذلك نتيجة الانخفاض الكبير في الإستثمار في النفط الصخري حيث انخفض عدد منصات الحفر من 1931 منصة في ديسمبر 2014 إلى 831 منصة الاسبوع الماضي. وهذا الانخفاض في الإستثمار هو نتيجة حتمية لإنخفاض اسعار النفط وذلك لأن تكلفة الإنتاج مرتفعة لنسبة كبيرة من المنتجين، بالتالي عندما كان النفط في مستويات ما فوق ال 100 دولار كان هناك جدوى من الاستثمار في حفر آبار جديدة، ولكن عند هذه الأسعار يكون حفر ابار جديدة يكون مجدي عدد قليل فقط من المنتجين. في الحقيقة  بعض المحللين قدروا بأن تخفض شركات النفط استثماراتها خلال الفترة القادمة بنسبة 50% مقارنة بحجم الاستثمار في عام 2014، وهذا من شأنه أن يقلل من كمية إنتاج النفط خلال الفترة القادمة والذي من المتوقع أن يؤدي إلى إرتفاع الأسعار.

الرسم البياني التالي يوضح الإرتفاع الكبير في إنتاج النفط الصخري الأمريكي خلال الفترة الماضية والعلاقة بين انتاج النفط الصخري الأمريكي وعدد منصات الحفر الأمريكية حيث يلاحظ انه بعد 6 أشهر من انخفاض عدد منصات النفط بدأء التأثير يظهر في انتاج النفط الصخري:




السؤال الثاني: بافتراض أن متوسط أسعار البترول ستبقى قرب ال٤٠ دولار خلال الفترة القادمة،  كم سنة ستستطيع السعودية من تحمل هذه الاسعار المنخفضة؟
قبل الإجابة على هذا السؤال يجب الأخذ بالإعتبار النقاط التالية:

  1. خلال العشر سنوات السابقة، استطاعت السعودية من زيادة احتياطياتها من 340 مليار ريال إلى 2,746 مليار ريال، أي بزيادة قدرها 2,400 مليار ريال وذلك باستثمار فوائض الميزانية.
  2. إن نسبة الدين لإجمالي الناتج المحلي السعودي انخفضت من 83% عام 2003 إلى 1.6% فقط بنهاية العام الماضي وهي اقل نسبة في العالم، علما بأن نسبة الدين لإجمالي الناتج المحلي لليابان هي 230%، وللولايات المتحدة الأمريكية 102%، ولفرنسا 95%، ولبريطانيا 89%،  ولألمانيا 75%. 

بالتالي نظرا لوجود هذا الاحتياطي الضخم ونظرا لأنخفاض نسبة الدين فإن الدوله بإستطاعتها تمويل نفقاتها من خلال استخدام خليط من الدين والسحب من الإحتياطيات لفترة طويلة قد تصل لثمان إلى عشر سنوات قادمة بافتراض أن نفقات الدولة ستبقى قرب المستويات المعلنة لهذه السنة (والتي كانت تشمل مشاريع توسعية كبيرة) وبافتراض أن أسعار النفط ستبقى قرب مستويات ال 40 دولار أو حتى انخفاضها إلى ما دون ال 40 دولار لفترة بسيطة، رغم أن افتراض أن أسعار النفط ستبقى قرب مستويات ال 40 دولار لأكثر من سنة هو افتراض جدا متشائم.

السؤال الثالث و الأهم: بافتراض أن سعر النفط سيبقى عند مستويات ال 40 دولار، كم سنة سيبقى منتجوا النفط الصخري بإنتاج النفط عند مستويات الإنتاج الحالية؟ كم سنة ستبقى الدول المنتجة الاخرى انتاجها عند هذه المستويات علما بأن تكلفة الإنتاج لمعظم الدول أعلى من تكلفة انتاج النفط السعودي؟

الجواب على هذا السؤال سيجيب على التساؤل الذي طرحته في عنوان هذا المقال. باعتقادي أن هذه الأسعار تؤدي إلى انخفاض انتاج مصادر النفط ذات التكلفة العالية ابتداء من النفط الصخري الأمريكي والذي بدأ يظهر تأثيره خلال الأربعة أشهر الماضية كما ذكرت سابقا. بالإضافة لذلك فإن استمرار الأسعار قرب مستويات ال 40 دولار سيزيد من الاستهلاك العالمي للنفط. بالتالي النتيجة الحتمية هي ارتفاع اسعار النفط في المدى القصير إلى مستويات ما فوق ال 50 دولار، أي قبل نهاية السنة الحالية. وعلى المدى المتوسط من المتوقع أن ترتفع الأسعار لمستويات ما بين ال 60 و ال 80 دولار. وفي أسوأ الاحتمالات في حال أن الأسعار بقت عند مستوياتها الحالية، من المؤكد أن كبار منتجي النفط وبقيادة السعودية سيقوموا بخفض الإنتاج لتعيد سعر النفط للمستوى الذي يرضي المستهلكين والمنتجين.

لذلك فإن وجود الاحتياطيات الكبيرة للمملكة مكّن السعودية من اتخاذ قرارات تخدم مصلحة الإقتصاد السعودي على المدى المتوسط والطويل بصرف النظر عن تأثير سعر النفط على دخل الدولة في المدى القصير. فرغم أن هذا الانخفاض سيؤثر على دخل الدولة في المدى القصير ولكن نظرا لقدرة تعويض الانخفاض في الدخل باستخدام الاحتياطيات و/أو الدين فإن تأثير هذا الإنخفاض سيكون محدود على الإقتصاد السعودي.

الأحد، 4 يناير 2015

برنامج الدعم السكني "إسكان" وتأثيرة على أسعار العقار

أعلنت وزارة الإسكان مؤخرا عن احصائيات المستحقين للدعم السكني والذين سيحصلون على منتج سكني من قبل وزارة الإسكان حيث بلغ عدد المستحقين 754,570 مواطنة ومواطن. وفقاً لهذا البرنامج ستقوم وزارة الإسكان بتوفير أحد المنتجات التالية حسب اختيار المستحق:
  1. وحدة سكنية جاهزة
  2. قطعة أرض + قرض
  3. قرض لشراء شقة سكنية (وفق برنامج الشراكة مع المطورين العقاريين)
بالتالي يلاحظ أن جميع الخيارات تعني أن المستحقين لن يلجأوا إلى السوق لشراء قطعة أرض أو لشراء وحدة سكنية. وإنه عند استلام هؤلاء المواطنين للمنتج السكني سيحدث التالي:
  • انخفاض الطلب على المساكن سواء وحدات سكنية جاهزة للبيع أو أراضي (لأن الوزارة ستقوم بتوفيرها لهم)
  • زيادة المعروض من الوحدات السكنية المعروضة للايجار (بإعتبار أن المستحقين كانوا يسكنون في وحدات سكنية مستأجرة، وسيقومون بالإنتقال منها)


لتحليل تأثير برنامج الدعم السكني على قوى العرض والطلب قمت بإعداد الجدول – 1 ، والذي يحتوي على التالي:
  1. عدد مستحقي برنامج الدعم السكني في كل منطقة.
  2. عدد الأسر (سعوديين وغير سعوديين) في كل منطقة، بالإضافة إلى نسبة المستحقين من برنامج الدعم السكني إلى عدد الأسر.
  3. عدد الأسر "السعودية" في كل منطقة، بالإضافة إلى نسبة المستحقين من برنامج الدعم السكني إلى عدد الأسر "السعودية".
  4. عدد الأسر (سعوديين وغير سعوديين) التي تسكن بسكن مستأجر، بالإضافة إلى نسبة المستحقين من برنامج الدعم السكني إلى عدد الأسر المستأجرة.
  5. عدد الأسر "السعودية" التي تسكن بسكن مستأجر، بالإضافة إلى نسبة المستحقين من برنامج الدعم السكني إلى عدد الأسر "السعودية" المستأجرة.




حين نقوم بمقارنة عدد المستحقين من برنامج الدعم السكني بعدد الأسر نستنتج أن:
  • مجموع عدد الأسر: نسبة مجموع عدد المستحقين من برنامج الدعم السكني إلى مجموع عدد الأسر يمثل 16.2%. وهذه النسبة تزيد وتنقص من منظقة إلى أخرى (رسم بياني –  1 يوضح الأرقام لكل منطقة).
  • مجموع عدد الأسر السعودية: نسبة مجموع عدد المستحقين من برنامج الدعم السكني إلى مجموع عدد الأسر "السعودية" يمثل 25.2%. وهذه النسبة تزيد وتنقص من منظقة إلى أخرى (رسم بياني –  2 يوضح الأرقام لكل منطقة).
  • مجموع عدد الأسر المستأجرة: نسبة مجموع عدد المستحقين من برنامج الدعم السكني إلى مجموع عدد الأسر المستأجرة (سعودين وغير سعودين) يمثل 35.1%. وهذه النسبة تزيد وتنقص من منظقة إلى أخرى (رسم بياني –  3 يوضح الأرقام لكل منطقة). هذه النسبة تعني أنه عند الانتهاء من هذا البرنامج سيزيد المعروض من الوحدات السكنية المستأجرة بنسبة 35.1% نتيجة رحيل هؤلاء المستحقين من هذه الوحدات التي كانوا يستأجرونها إلى سكنهم الجديد. وهذا سيكون له تأثير كبير على ميزان العرض والطلب.
  • مجموع عدد الأسر السعودية المستأجرة: نسبة مجموع عدد المستحقين من برنامج الدعم السكني إلى مجموع عدد الأسر السعودية المستأجرة يمثل 72.3%. وهذه النسبة تزيد وتنقص من منظقة إلى أخرى (رسم بياني –  4 يوضح الأرقام لكل منطقة). وهذه النسبة تعتبر كبيرة جداً ومؤثرة في ميزان العرض والطلب.

* ألفت هنا أن التحليل قام بناءاً على عدد الأسر كون عدد الأسر هو المؤشر الحقيقي للطلب على العقار وليس مجموع عدد السكان.


ما تأثير برنامج الدعم السكني على أسعار العقار :

بناء على هذه المعطيات نستطيع القول أنه في حال تم تنفيذ برنامج الدعم السكني من قبل وزارة الإسكان فإن تأثيره سيكون كبير جداً على ميزان العرض والطلب. لكن السؤال المهم هو ما تأثيره على اسعار العقارات السكنية وعلى الأراضي السكنية؟ 

بإعتقادي أنه في حال لم يتم تطبيق نظام الرسوم على الأراضي فإن هذا البرنامج سيؤدي إلى انخفاض الأسعار ولكن بنسبة متدنية وتختلف هذه النسبة حسب نوع وموقع العقار. والسبب الرئيسي في ذلك أن تجار العقار في السعودية لديهم القدرة الإستيعابية لتحمل انخفاض الطلب لفترة طويلة وذلك لاعتمادهم المحدود على القروض العقارية بالإضافة إلى قوة ملائتهم المالية. فنجد تاجر العقار في السعودية يقوم ببناء وحدات وعمائر سكنية ويفضل بأن تبقى هذه الوحدات فارغة لمدة سنة أو سنتين على أن يقوم بتأجيرها أو بيعها بسعر منخفض. بالتالي لا توجود ضغوط أو التزامات مالية على صاحب العقار تجبره على خفض السعر.

لذلك أرى أننا لن نرى انخفاض قوي في أسعار العقار على الرغم من ضخامة حجم مشروع الدعم السكني المقدم من وزارة الإسكان إلا اذا قامت الدولة بأحد أو كلا التوجهيين التاليين:

  1. أن يتم تطبيق نظام الرسوم على الأراضي. فتطبيق هذا النظام سيخلق التزامات مالية على صاحب الأرض ستجبره على بناء أرضه لتفادي الرسوم أو بيعها ولو بأسعار أقل من التي كان يطالب بها سابقاً وذلك للوفاء بهذه الإلتزامات المالية. فالخيار الأول وهو بيع هؤلاء التجار لبعض أراضيهم سيخفض سعر الأراضي وبالتالي العقار عموماً. والخيار الثاني وهو بناء هذه الأراضي سيؤدي إلى تخمة في المعروض وبالتالي انخفاض في العقار عموماً. وعليه أرى أن تطبيق نظام الرسوم على الأراضي سيؤدي إلى انخفاض العقار، وهذا الرأي موافق لرأي كثير من المحللين، وقد يعيدنا لأسعار ما قبل 2010.
  2. أن تقوم الدولة ممثلة بوزارة الإسكان بطرح أراضي مطورة للبيع بأسعار منخفضة، بشرط أن يكون البيع مشروط بالبناء على الأرض. ففي حال لم يقم المواطن بالبناء خلال سنة يتم الغاء عملية البيع وتعود الأرض لأملاك الدولة. هذا الشرط يضمن عدم وصول تجار العقار "المحتكرين" لهذه الأراضي. من خلال هذه الألية ستكون الدولة صانعة/محددة للسعر (Price Maker).
بالتالي الكرة في ملعب الدولة، وبيدها هي وحدها، بعد مشيئة الله، تغيير مسار أسعار العقار. 










الاثنين، 10 مارس 2014

تقرير مالي مختصر: شركة اسمنت نجران (10- مارس- 2014)

  • أقدم إليكم هذا التقرير المالي المختصر عن شركة اسمنت نجران - رابط عرض التقرير -  رابط تحميل التقرير.
  • إن الغاية من إعداد هذا التقرير هي تقديم صورة عامة عن الشركة، وليس الهدف تقديم توصية ببيع أو شراء أو الإحتفاظ بأسهم الشركة، لذا ارجو من الجميع أخذ المشورة قبل القيام بأي عملية شراء أو بيع و عدم اتخاذ أي قرار مالي بناء على هذا التقرير.







Najran Cement

الاثنين، 27 يناير 2014

تقرير مالي مختصر: شركة الإتصالات السعودية (27 - يناير - 2014)

  • أقدم إليكم هذا التقرير المالي المختصر عن شركة الإتصالات السعودية - رابط عرض التقرير -  رابط تحميل التقرير.
  • هذا التقرير هو استكمال للتقرير المنشور في تاريخ 6 - اكتوبر - 2013.
  • إن الغاية من إعداد هذا التقرير هي تقديم صورة عامة عن الشركة، وليس الهدف تقديم توصية ببيع أو شراء أو الإحتفاظ بأسهم الشركة، لذلك ارجو من الجميع بأخذ المشورة قبل القيام بأي عملية شراء أو بيع و عدم اتخاذ أي قرار مالي بناء على هذا التقرير.



الأربعاء، 6 نوفمبر 2013

تقرير مالي مختصر: شركة الإتصالات السعودية


  • أقدم إليكم هذا التقرير المالي المختصر عن شركة الإتصالات السعودية - رابط عرض التقرير -  رابط تحميل التقرير.
  • إن الغاية من إعداد هذا التقرير هي تقديم صورة عامة عن الشركة، وليس الهدف تقديم توصية ببيع أو شراء أو الإحتفاظ بأسهم الشركة.





السبت، 3 أغسطس 2013

علاوة مخاطرة السوق وتأثيرها في تقييم الأسهم (2-2)

تحدثت في الجزء الأول من هذا المقال عن تعريف ما هي علاوة المخاطرة وعن تأثيرها على أسواق الأسهم، حيث ذكرت أنه عندما تكون علاوة مخاطرة السوق (Market Risk Premium) مرتفعة فهذا يعني أن السوق مقيم بأقل من قيمته العادلة، وبالتالي فإنه مرشح للارتفاع لكي تنخفض علاوة مخاطرة السوق وتعود لمستوها الطبيعي وفي نفس الوقت قد تؤدي إلى تقلبات حادة في أسواق المال. وذكرت أن ارتفاع علاوة المخاطرة أدى إلى الارتفاعات التي رأينها في سوق الاسهم الامريكي،. في هذا المقال سأتحدث عن علاوة المخاطرة ضمن نطاق السوق الأمريكي، ومن ثم سأتحدث عنها ضمن نطاق السوق السعودي.




علاوة المخاطرة ضمن نطاق السوق الأمريكي (S&P500):
قبل ثلاثة اشهر قام محللين ماليين في البنك الإحتياطى الفيدرالي لنيويورك بنشر مقال تحدثا فيه عن مبدأ علاوة مخاطرة السوق، حيث وضحا أن علاوة مخاطرة السوق الأمريكي وصلت في نهاية عام 2012 إلى مستوى عالي جدا لم تصلها في تاريخ الإقتصاد الامريكي إلا في مرتين قبل ذلك:
1- المرة الأولى كانت عام 1974 عندما انهارات الأسواق المالية نتيجة الهزة الإقتصادية الناتجة عن حظر النفط حيث إنخفض مؤشر السوق الأمريكي إلى 62 نقطة بالتالي ارتفعت علاوة مخاطرة السوق إلى اعلى مستوى (عند مستوى 5.5% تقريبا كما هو ظاهر في الرسم البياني التالي)، نتيجية لوصول علاوة المخاطرة لهذا المستوى العالي إرتفع السوق وخلال سنة واحدة فقط بنسبة 70% ليصل إلى 105 نقاط.
2- المرة الثانية كانت في عام 2009 عندما انهارت الأسواق المالية نتيجة الأزمة المالية العالمية حيث وصل مؤشر السوق الأمريكي إلى 676 نقطة مما نتج عنه ارتفاع علاوة المخاطرة لنفس المستوى الذي وصله في عام 1974 عند 5.5 %، وخلال سنة واحدة فقط إرتفع السوق بنسبة 69% ووصل إلى 1140 نقطة.
في كلا تلك الحالتين كانت قد وصلت علاوة مخاطرة السوق إلى مستويات عالية جدا (كما هو موضح في الرسم البياني التالي) مما يعني أن السوق كان مقيم بأقل من قيمته العادلة، تبعها ارتفاع قوي في الأسواق بنسبة 70% و69% مما أدى إلى انخفاض علاوة السوق إلى مستويات أقل وأقرب إلى المستويات الطبيعية.

حاليا ونتيجية لانخفاض معدل الفائدة فإن علاوة مخاطرة السوق وصلت لمستويات عالية في نهاية عام 2012 وبداية 2013 حيث وصلت علاوة مخاطرة إلى مستوى 5.4%. فإذا أعاد التاريخ نفسة فإنه من المفترض أن يرتفع السوق بنسبة 70% مثلما حدث في عام 1974 وعام 2009. وصول علاوة المخاطرة لهذا المستوى المرتفع أدى إلى الارتفاعات المستمرة التي رأيناها وما زلنا نراها في السوق الأمريكي حيث أنه منذ بداية السنة ارتفع السوق الأمريكي بنسبة 20% ليصل إلى أعلى مستوى تاريخي له يوم أمس الجمعة عند مستوى 1709 نقاط.


المصدر: البنك الإحتياطى الفيدرالي لنيويورك




علاوة المخاطرة ضمن نطاق السوق السعودي:
عند تحليل السوق السعودي والنظر إلى علاوة مخاطرة السوق السعودي نجد أنها كانت في بداية عام 2013 تقف عند مستوى 5.6% (حيث كان عائد السندات في ذلك الوقت 1.9%) وهو مستوى عالي جداً مساوي للمستويات العالية التي وصل إليها السوق الأمريكي في عام 1974 و 2009. ومنذ بداية العام حتى إغلاق يوم الخميس الماضي ارتفع السوق السعودي بنسبة 16% فقط. نتيجة لهذا الإرتفاع انخفض عائد أرباح السوق إلى 7.0%  و ارتفع عائد السندات إلى 2.6% وبالتالي فإن القيمة المطلقة لعلاوة مخاطرة السوق السعودي انخقضت إلى 4.4% وهذا المستوى لا يزال يعتبر مرتفع. وعند النظر إلى علاوة مخاطرة السوق السعودي نسبة لعائد السندات فنجد انه يمثل 166% من قيمة عائد السندات، وهذا المستوى ايضاً لا يزال مستوى نسبي عالي. هذه القيمة المطلقة المرتفعة والقيمة النسبية المرتفعة لعلاوة مخاطرة السوق  السعودي تفتح المجال لمزيد من الإرتفاع في السوق وذلك لأن العائد للإستثمار بالسوق السعودي مرتفع و مجدي أخذا بالاعتبار المخاطرة التي سيتحملها المستثمر نتيجة الإستثمار بالسوق خاصة عند مقارنتها ببدائل الإستثمار الأخرى.






* هذا المقال ليس توصية للشراء أو البيع، وإنما هو تحليل للأسواق المالية، وإن أي تعامل في أي ورقة مالية يتخذه القارئ بناءً على هذا التحليل سواء كان كلياً أو جزئياً هو مسؤوليته الكاملة.

 

السبت، 27 يوليو 2013

علاوة مخاطرة السوق وتأثيرها في تقييم الأسهم (1-2)

كنت قد ذكرت في مقال سابق نشرته قبل اكثر من شهر من الآن (السبب وراء تحقيق الأسواق العالمية قمم جديدة) أن السبب وراء تحقيق الأسواق العالمية لقمم جديدة هو إنخفاض معدل الفائدة الناتج عن التيسير الكمي الذي يقوم به البنك المركزي الامريكي والبنوك المركزية الاخرى حول العالم. منذ ذلك الوقت حتى الآن استمرت الأسواق العالمية والأسواق الامريكية خاصة بتحقيق قمم جديدة:

  • السوق الامريكي (مؤشر الـS&P-500) ما زال يحقق قمم تاريخية جديدة، ففي يوم الإثنين الماضي حقق السوق قمة جديدة حيث وصل إلى 1695 نقطة. 
  • السوق السعودي وصل إلى أعلى مستوى له في 15 شهر حيث وصل إلى 7,806 نقطة يوم الإثنين الماضي.

وكنت قد ذكرت أيضاً أن إنحفاض معدل الفائدة أدى إلى التأثير على أربعة محاور وهذه المحاور الأربعة أدت إلى الإرتفاع الذي رأيناه في أسواق الأسهم العالمية وهذه المحاور هي:
1) مكرر ربح السوق 
2) عائد التوزيعات النقدية للسوق  
3) عائد الأرباح على السوق 
4) علاوة مخاطرة السوق (Market Risk Premium)

في هذا المقال سأتحدث بشكل مفصل عن المحور الرابع (علاوة مخاطرة السوق). سأبدأ بالتعريف عن مبدأ علاوة مخاطرة السوق ومن ثم سأتحدث عن تأثيرها على أسواق المال، ثم سأتحدث عنها ضمن نطاق الأسواق الامريكية ، وفي الختام ساتحدث عنها ضمن نطاق السوق السعودي.


ما هي علاوة مخاطرة السوق:
علاوة مخاطرة السوق (Market Risk Premium) هو أحد الأعمدة الأساسية لعلوم المالية والاستثمار ويستخدم كأداة أساسية في تقييم الأصول المالية. هي عبارة عن العائد الذي يحصل عليه المستثمر في الأسهم مقابل المخاطر التي يتحملها باستثماره في الأسهم بدلا من الاستثمار في استثمارات خالية من المخاطر (السندات). حسابيا هي عائد الأرباح لسوق الأسهم مطروح منه عائد السندات، فعلى سبيل المثال اذا كان عائد الأرباح للسوق 5% وعائد السندات 3% فإن علاوة مخاطرة السوق هي 2% (و هي تمثل 66.7% من عائد السندات). كلما إنخفضت الأسهم ارتفع عائد أرباحها وبالتالي ترتفع علاوة مخاطرة السوق، فبناءً على المثال السابق إذا انخفض السوق  بنسبة 20% فان عائد الأرباح للسوق سيرتفع من 5% إلى 6.25% بالتالي فإن علاوة مخاطرة السوق سترتفع إلى 3.25%، وهذا يعني ان الاستثمار في السوق يعطي المستثمر عائد أعلى مقارنة بنسبة المخاطرة التي يتحملها عند الاستثمار فيه. والعكس صحيح، فعندما ترتفع أسعار الأسهم فإنه نتيجة هذا الإرتفاع ينخفض عائد أرباحها وبالتالي تنخفض علاوة مخاطرة السوق.




تأثيرها على أسواق المال:
ينظر إلى علاوة مخاطرة السوق من زاويتين، الزاوية الأولى هي القيمة المطلقة لعلاوة مخاطرة السوق (وهي 4.5% للسوق السعودي) والزاوية الثانية هي قيمة علاوة مخاطرة السوق نسبة للاستثمار الخالي من المخاطر (و هوللسوق السعودي تمثل 188% من عائد السندات). تارخيا كان متوسط عائد السندات للخمسين سنة الماضية 6.6%،  ومتوسط عائد السندات منذ عام 2000 هو 3.93% (4% تقريبا). لذلك كان المستثمرون في السابق عندما يقومون بحساب علاوة مخاطرة السوق فإنهم يقومون بطرح عائد أرباح السوق من عائد السندات الذي كان مرتفعا في السابق، فبالتالي ينتج عن هذا قيمة مطلقة منخفضة لعلاوة مخاطرة السوق، وعند مقارنتها بعائد السندات فانها تكون منخفضة نسبيا.
على سبيل المثال في السابق عندما يكون مكرر السوق 15 مرة فإن عائد السوق يكون 6.67% ولنفترض ان عائد السندات كان 4%، فإن القيمة المطلقة لعلاوة المخاطرة تكون 2.67% فقط وهي تمثل 66% فقط من قيمة عائد السندات. بالتالي عند إتخاذ القرار الاستثماري كان المستثمر يفضل ان تكون نسبة الأسهم في محفظته منخفضة ونسبة الاستثمار في الصكوك والسندات عالية. وايضا بناء على هذا المتوسط العالي لعائد السندات كان المعيار الاستثماري المتعارف سابقا أنه عندما يكون مكرر أرباح السوق 20 مرة (اي أن العائد على السوق 5%) فإنه يعتبر مقيم بأعلى من قيمته العادلة وغير مجدي للاستثمار مقارنة بالسندات والصكوك.




في الوضع الحالي ونتيجة لإنخفاض العائد على السندات فإن المعادلة اختلفت. فنتيجة لإنخفاض العائد على السندات الذي يعتبر الآن عند مستويات دنيا تاريخا فإن: أولا القيمة المطلقة لعلاوة المخاطرة ارتفعت، وثانيا القيمة النسبية لعلاوة مخاطرة السوق ارتفعت أيضا وبشكل كبير جدا. هذا الإرتفاع المطلق والإرتفاع النسبي أدى إلى تحول الاستثمار في الأسهم إلى استثمار جذاب، وخصوصا عند مقارنته بالخيارات الاستثمارية الأخرى.
ونتج عن ذلك أيضا تغير في المعيار الاستثماري المتعارف، فحاليا وعلى سبيل المثال عندما يصل مكرر أرباح السوق إلى 15 مرة (اي أن العائد على السوق 6.67%) وبما ان عائد السندات هو 2.5% حاليا فإن علاوة المخاطرة تكون 4.17% (6.67% العائد على السوق ننقص منها 2.5% عائد السندات) وهي تمثل 166% من قيمة عائد السندات، وهذه القيمة المطلقة لعلاوة المخاطرة (4.17%) تعتبر مرتفعة جداً، وأيضا القيمة النسبية لعلاوة المخاطرة (166%) تعتبر عالية جداً، مما يدل ان السوق ما زال رخيص وأن السوق ما زال مجدي للاستثمار. نتيجة لذلك فإن انخفاض معدل الفائدة سيؤدي إلى مكررات أرباح عالية في أسواق المال العالمية، وهذا سيكون المعيار الاستثماري الجديد.

نتيجة لهذا المعيار الاستثماري الجديد رأينا خلال الثلاثة أشهر الماضية قمم جديدة للأسواق العالمية وأتوقع أن نستمر في رؤية قمم جديدة خلال الفترة القادمة.

مدى تقبل السوق للمعيار الاستثماري الجديد:
نتيجة للمعيار الاستثماري الجديد واجهت وستواجه أسواق الأسهم تقلبات حادة في نفس الوقت الذي تحقق فيه قمم جديدة. فالمستثمرين الذين إعتادو على المعيار الاستثماري المتعارف القديم واعتادوا على أن يروا أسهم قطاع معين عند مكررات معينة (فلنقل مكرر 10 مرات) سيقومون ببيع أسهمهم عندما تصل لمكرر 13 مرة وعندما يبيع هؤلاء المستثمرين فإن السوق ينخفض. ولكن نتيجة للمعيار الاستثماري الجديد فان المكرر العادل الجديد لهذا القطاع سيكون على سبيل المثال 15 مرة، بالتالي سيأتي مستثمرون أخرون ويقومون بشراء نفس الأسهم لانهم يعتقدون ان هذا السهم رخيص بناء على ان المكرر العادل لهم والمبني على المعيار الاستثماري الجديد وهو 15 مرة. والنوع الثاني من المستثمرين هم في الغالب المؤسسات الاستثمارية والصناديق الحكومية الذين يتميزون بانهم مستثمرين طويلي الأمد. ستستمر هذة التقلبات الحادة في السوق ختى يعتاد المستثمرون على هذا المعيار الاستثماري الجديد.

في الجزء الثاني من هذا المقال سأتحدث عن علاوة مخاطرة السوق ضمن نطاق السوق الأمريكي ومن ثم سأتحدث عنها ضمن نطاق السوق السعودي.

* هذا المقال ليس توصية للشراء أو البيع، وإنما هو تحليل للأسواق المالية، وإن أي تعامل في أي ورقة مالية يتخذه القارئ بناءً على هذا التحليل سواء كان كلياً أو جزئياً هو مسؤوليته الكاملة.